إعلان الرئيسية العرض كامل

إعلان أعلي المقال


هل أطلب من أحد أن يُخرجني من هذا المكان، أريد أن أجلس في مكان أكثر هدوءًا بعيدًا عن غوغاء البشر، فأنا لا أُحب الزحام، ولا أحُب الكلام، ولا أحب أي شيء له علاقة بالبشر، أو إي كائن حي، أن صح القول، و بدوت تذويق لكلامي، أنا أمقت كُل الكائنات الحية، ولا أجد فيهم أملًا واحدًا او شيئًا مُطمئنًا، أقترب أحدهم مني، و أظن أنه عمي أو خالي، لا أتذكر، و لكني رأيته كثيرًا في منزلنا، أقترب مني جدًا، ووضع يده على كتفي الأيمن، فأنتفض جسدي، فتراجع للخلف، لأنه لم يتوقع ردة فعلي هذه فقال لي : ” هل تعرف إين أمك الآن؟ ”
صمت طويلًا مُفكرًا في إجابة، ثم رفعت وجهي الشاحب لينظر إليه مباشرةً، لا أعرف لماذا تراجع للوراء، أظن أنه خافني، عندما عاد للخلف، قررت أن أنطق سريعًا حتى لا يخاف أكثر، إذا كان يخاف وجهي الشاحب هذا، فقُلت له : ” لا يا سيدي، أنا لا أعرف إين هيَّ ”
فتلفت حوله و تأفف و بدى عليه الضجر، فقال لي بصوت يغلب عليه الأندفاع و القوة : ” والدتك توفت إيها الطفل السخيف، إذا كُنت لا تعرف إنها توفيت، لمَ كُنت تبكي كل هذه الأيام؟ ”
إبتسمت، فظهرت الفروقات بين أسناني، و ظهرت الكدمات الأروجوانية في وجهي مع تفتح المسام أثناء ضحكي، لا أعرف سبب هذه الكدمات، رُبما إحدى الأشباح كان يصفعني أثناء نومي، أنا لا أعرف، بعد إن أبتسمت للرجل الذي لا اتذكر صفته بعائلتنا التي لم يتبقى فيها سواي، قُلت له : ” حسنًا أنت تعرف إين إمي، لماذا تسأل؟ ”
فزاد غضبة بعد جملتي الأخيرة، فقال لي : اسأل لأنك الإبن الوحيد و يجب أنت تعرف ” ثم برهه ثم أكمل ” هل تعرف متي ماتت أمك؟ ”
فقلت له : ” لا اعرف، و إذا كانت ماتت فأنا لا يُهمني الميعاد، و لَكن إذا كان يُهمك أن تعرف، رُبما ماتت أمس، أو أول أمس ” يمكنك أن تذهب و تسأل أصدقائك البُلهاء الذي أتخذوا من منزلي مسرحًا ”
رفع حاجبة متعبجًا من ردي، رد مراهق لم يتخطي السابعة عشر، و في نظرهم طفل، و لكني لستُ طفلًا، أنا أنقي من في هذا المنزل، و أعرف عن كُل هاؤلاء البشر كل ما ينفذونه من أعمال سيئة، أنا أرقي من فيهم، رُبما لا أعرف من هُم، و لكني أعرف ما كانوا يفعلونه، حتى أمي، لم أحزن و لن أحزن على فراقها، هل تعرف لماذا؟
إنظر إليَّ، إنظر إلى هذه الهالات السوداء تحت عيني، و هذه الكدمات الأرجوانية، في جسدي بالكامل، إسألني عن إسمي الذي لا أستطيع تهجئتة بلغة مختلفة غير لغتي، فعلت ما كانوا يريدون أثناء حياتهم، ولكن بعد وفاتهم هذه حياتي أنا، لا تسألني، رُبما أكون أنا من قتلت أمي، و من قبلها أبي، و لكني أُدرك تمامًا، أن هذا ما كانوا يستحقونه، بعد أن قالوا لي، إن الأشباح تملئ منزلي، و ستوسعني ضربًا إذا أخطأت، أو لم أسمع كلام أمي، و إذا تأخرت لدقيقة أثناء عودتي من مدرستي، أعود لأجد الأنوار بأكملها مُغلقة، و أجد الاف الإيدي، تتعدي عليَّ بالضرب، حتى أفقد الوعي، و عندما أستيقظ، و أذهب إلى أمي، و أرتمي بين أحضانها، تقول لي و كأنها لا تعرف شيء عن ما حدث، و تقول لي : ” ماذا حدث لك يا عزيزي؟ هل تعاركت مع أحدهم” ” حينها أبكي، حتي ينتفض جسدي مرارًا، و أقول لها لا يا أمي، لقد أنتقمت مني الأشباح، لأنني خالفت أوامرك، و الآن و بعد سنوات طويلة، أصبحت مُدركًا بشكل جيد ما كان يحدث لي الفترات الماضية، و أُدرك جيدًا، إن هذا الرجل الذي كان يتحدث معي منذ قليل، كان إحدى هذه الأشباح، هو يرى أنه قام بتهذيبي و تربيتي أثناء صغري، و أنا أرى الآن، أنه حان دوري لكي أرد له جميله

إعلان أسفل المقال